أكتشف بنفسك : الصفحة الرئيسية > تبادُل > علم الفلك والفضاء > سؤال/ جواب
الانفجار الكبير
٢٣/١١/١٩٩٨
تاريخ
 
سؤال من
 

عند قراءة نص وثائقي عن التقويم، علمنا أن تقويمنا يقوم على أساس السنة الشمسية والشهر القمري. ومن هنا طرح التلاميذ تساؤلات عن النظام الشمسي ودوران الأرض حول الشمس وعن الكون بوجه عام. أراد التلاميذ معرفة أصل نشأة الكون وطرحوا تساؤلات أقدمها لكم فيما يلي: -لماذا حدث انفجار (الانفجار الكبير)؟ -كيف كان الكون قبل ذلك الانفجار؟

 

 
 
٢٦/١١/١٩٩٨
تاريخ
 
إجابة من
 

بصفة عامة، تجد العلوم صعوبة كبيرة في الرد على التساؤلات من نوعية "لماذا": وتكتفي بالرد على التساؤلات من نوعية "كيف" وذلك بمحاولة إيجاد القوانين التي تفسر الظواهر الموجودة بأفضل صورة ممكنة. وحين توصل Einstein إلى نظريته عن الجاذبية العامة، فكر في بادئ الأمر أنها قد تفسر سكون الكون وهدوءه وأبديته. وفي الحقيقة، أوضح غيره من العلماء بعد ذلك أن مثل هذا الكون لا يمكن أن يكون ساكناً (مثل القلم الذي نضعه على حافته!). يجب أن يكون الكون في حالة حركة سواء بالتمدد أو بالانكماش. وتشير الملاحظات بطبيعة الحال إلى تباعد جميع المجرات عنا، الأمر الذي يفسر على أنه حركة توسع عام للكون الذي "ينتفخ" مثل المخبوزات داخل الفرن (ولكنه، بخلاف ما يحدث للحلوى، لا يوجد له سطح "محدد". وبدون الخوض في تلك التفاصيل، يمكنني تقديم بعض التفسيرات التكميلية إذا لزم الأمر). ومع الانتفاخ المطرد للكون، نستعيد الزمن لنتذكر لحظة معينة (منذ ما يقرب من ١٥ مليار عام) كانت المادة متجمعة في نقطة واحدة عديمة الأبعاد، هذا هو الانفجار الكبير الذي يمكن وصفه على أنه "انفجار" هائل. ولازلنا لا نعلم إن كان هذا التوسع سوف يستمر أو إن كان الكون سوف يعاود الانكماش حتى يصل إلى انهيار تام يقابل الانفجار الكبير أو "السحق الكبير". ويرجع ذلك إلى كثافة المادة التي يحتوي عليها والتي يصعب جداً تحديدها. والسؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه "وقبل الانفجار الكبير؟" يعد حيوياً جداً. وهنا يجب أن نعلم أن نظرية النسبية التي تفسر الظواهر ليست صحيحة تماماً. فيظهر خطؤها كلما تطرقنا إلى الآراء العامة جداً وخاصة عندما كان الكون بحجم متناهي الصغر (بمقدار ١٠-٣٥، أي أقل حجماً من كل ما يمكن الحصول عليه بالتجارب الحالية). لذا كان يلزم إيجاد نظرية تخلط النسبية بالميكانيكا الكمية تعني بتفسير الظواهر الدقيقة. وللأسف، لم يمكن التوصل بعد لتلك النظرية أو "الجاذبية الكمية"، أو أنه لم يتم التوصل إليها بالصورة المرضية. ويعتبر هذا الموضوع من أكثر الموضوعات صعوبة ويشكل أحد الأهداف الرئيسية للفيزياء الحديثة. ويعتقد أغلب الفيزيائيين أنه وفقاً لتلك النظرية، سوف يصبح مفهوم الزمن نفسه غير واضح وصعب التعريف. وقد يتضح بدء الزمن قبل وجود أي شيء "قبله"، كما تبدأ درجة الحرارة من الصفر المطلق (-٢٧٣.١٥ درجة مئوية) ولا يوجد شيء "أسفل" ذلك. وهناك مقارنة أخرى ممكنة هي أنه إذا توجهنا دائماً نحو الجنوب، نصل في النهاية إلى القطب الجنوبي حيث لا يوجد شيء آخر "في الجنوب". قد يكون الانفجار الكبير هو "القطب الجنوبي" للزمن...

 
 
الانفجار الكبير

 
 
٢٦/١١/١٩٩٨
تاريخ
 
إجابة من
 

لماذا حدث هذا الانفجار (الانفجار الكبير)؟ تبدو الإجابة الجيدة بلا شك أننا لا نعلم. ولكنه يمكننا تفسير لماذا يعتقد علماء الفلك أنه كانت هناك لحظة ما في الماضي، منذ ما يقرب من ١٥ مليار عام، كان فيها الكون مضغوطاً في منطقة صغيرة جداً، أصغر بكثير من حجم الذرة؛ لذا كان للكون كثافة عالية وحرارة مرتفعة جداً. هناك أكثر من سبب يدعو للتفكير في ذلك، يتمثل السبب الأول في اتساع الكون، هذه الحركة التي نلاحظها وتتمثل في تباعد جميع المجرات عن بعضها البعض. وعندما نعود بالزمن للماضي (ونمرر الفيلم بالعكس)، يشير ذلك إلى أنه في الماضي، كان الكون اصغر بكثير مما هو عليه الآن. (يمكن عقد المقارنة الشهيرة بحلوى العنب التي تنتفخ داخل الفرن، بحيث نرى كل حبة عنب تتباعد عن مثيلتها؛ أو المقارنة بالشريط المطاطي الذي نثبت عليه أزراراً ونشده). (أما الأسباب الأخرى فمن الصعب تفسيرها). و"بتشغيل الفيلم" عكسياً، قد نتخيل الوصول للحظة التي لم يكن فيها الكون سوى نقطة. وفي الحقيقة ليس من الممكن استرجاع الزمن على هذا النحو حتى "نقطة البداية" (؟)، حيث أنه قبل وقت معين من تاريخ نشأة الكون (زمن Planck)، لم يكن من الممكن وصف الكون، فعلماء الفيزياء لم يكن لديهم ببساطة أية معادلات تسمح لهم بوصف تلك المادة التي لم يعتادوا عليها (ساخنة، كثيفة، الخ). بل قد يبدو الأمر أسوأ من ذلك، فهم لم يكونوا متأكدين بعد من أن مفاهيم الزمان والمكان ذات مغزى. ويقودنا ذلك إلى السؤال الثاني: ماذا كان هناك قبل ذلك؟ ولن نستطيع إجابة هذا السؤال لأننا لا نعرف المقصود بما كان "قبل" الانفجار الأكبر لأنه من المحتمل جداً أن يكون الوقت نفسه والفضاء قد نشأ مع الكون في نفس الوقت. قد نجيب بأنه لم يكن هناك شيء، ولكن هذا العدم أسوأ من الفراغ المطلق الذي قد نفكر فيه، فعندما نفكر في "الفراغ"، نفكر عادة في "الفضاء الفارغ"... وهناك احتمالات ضئيلة لإمكانية الرد على هذا التساؤل (الممتاز) من الآن وحتى قدر لا بأس به من الوقت. لماذا حدث الانفجار الأكبر، لا نعلم عن ذلك شيئاً. فبعض العلماء يتحدثون عن عدم استقرار طاقة الفضاء ولكن لا يساعد ذلك كثيراً في الرد على الأسئلة. وعامة، يشير ذلك إلى أن الكون نشأ من العدم... الأمر الذي يطلق العنان للتخيلات. وهناك نقطتان يجب ملاحظتهما عن الانفجار الأكبر، هذا "الصخب الكبير" هو الاسم الذي أطلق على سبيل الضحك على تلك النظرية من قِبَل أحد أعدائها (Fred Hoyle) ولكنه استمر. غير أنه يجب توخي الحذر عند الحديث عن الانفجار فهي صورة شائعة ولكنها لا تتفق مع الحقيقة (بالنسبة لما نعلمه). فعندما نفكر في الانفجار، يتبادر لأذهاننا صورة شيء ما ينفجر في فضاء موجود بالفعل. غير أنه في هذه الحالة، ينشأ الفضاء في نفس الوقت مع المادة. ووفق نفس ترتيب الأفكار، لا يجب البحث في أي جهة من الفضاء حدث الانفجار الكبير، ولتعريف ذلك، لقد حدث في كل كان. أعلم أن إجابتي محبطة قطعاً، ولكنني أرى أنه لا يجب ضياع الفرصة للإشارة إلى أن هناك أموراً لم يفهمها العلماء بعد وأسئلة ليس في استطاعتهم الرد عليها؛ كما أن الأمر يتعلق هنا بتساؤلات تختص بالفلسفة أيضاً. بعض المراجع الممكن اللجوء إليها (يفضل مستوى الجامعة): الكون، الوثائق (جاليمار، للشباب).

 
 
أدوات
© اكتشف بنفسك ٢٠٢٤